دراسة مهمة للبنك الدولي تؤكد :
انتشار الإنترنت فائقة السُّرعة يعزز النمو الاقتصادي
جان روزوادوسكي الأمين العام للغرفة التجارية الدولية
قالَ قادة الأعمال المشاركون في «منتدى إدارة الإنترنت المنعقد تحت رعاية الأمم المتحدة في منتجع شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية إنَّ مستقبلَ الإنترنت من المسائل التي تعنينا جميعاً دونَ استثناء وعلينا أن نوليها الاهتمامَ الذي تستحقه. وأكد المشاركون في المنتدى الدولي الأهميةَ الحاسمةَ للإنترنت بوصفها البوابة المؤدية إلى موارد معرفيَّة وتثقيفية مهولة من شأنها الارتقاء بالمعايير المعيشية العالمية، الأمر الذي يعزِّز أهمية دورها من جهة، وحتميَّة تطويرها بما يحقِّق للبشرية تطلعاتها من تقنية الإنترنت الفائقة.
وألقى جان روزوادوسكي الأمين العام للغرفة التجارية الدولية (ICS)، كلمةً خلال افتتاح المنتدى الذي يشارك فيه أكثر من ألف شخصية من حول العالم، قال فيها: "للإنترنت، في حال تحقيق الاستفادة المنشودة منها، دورٌ بارزٌ في تمكيننا من مواجهة الكثير من التحديات الآنية المُلحَّة، بدءاً من ركود الاقتصاد العالمي ووصولاً إلى ظاهرة التغيُّر المناخيّ".
وشدَّد روزوادوسكي على أهمية المنهجية الشاملة، ولكن المُقسَّمة أو الموزَّعة، فيما يتصل بمفهوم حوكَمَة الإنترنت بوصفها الوسيلة الوحيدة التي تضمن لنا اتخاذ القرارات الصائبة والمدروسة. وقال في هذا السياق: "مسألة حوكمة الإنترنت لا يمكن أن يستأثرَ بها فريقٌ دون آخر".
ومن المُتفق عليهِ أنَّ الشركات من أكبر المستثمرين والمبتكرين والمطوِّرين في مجال تقنيات الإنترنت، وحلول البنية التحتية والتطبيقات والخدمات الرامية إلى تمكين المستخدمين من تحقيق الاستفادة المُثلى والقُصوى من الإنترنت.
وأكَّدَ سبرامانيام رامادوراي، رئيس مبادرة «مساهمة الشركات في دعم مجتمع المعلومات» (BASIS) المنبثقة عن الغرفة التجارية الدولية ونائب رئيس مجلس إدارة «تاتا للخدمات الاستشارية»، أنَّ التطوُّرات في التقنيات والتطبيقات الشبكية والنقالة لابدَّ أن ترتكزَ إلى استثمارات واسعة في البنية التحتية، مقرونة بتعزيز المعرفة التقنية. كما لابدَّ أن تستندَ إلى سياسة عامة مدروسة، على المستوى الوطني، تعزِّز الابتكار إلى أبعد حدود ممكنة.
وقال رامادوراي في كلمته الافتتاحية أمام المنتدى الدولي: "يجب ألا تعيقَ الأطرُ القانونيةُ قدرة الشركات على المنافسة، لأنَّ ذلك سيؤدي حتماً إلى إبطاء قدرتها الابتكارية. ومن واقع خبرتنا في الهند، نعتقد أن السياسات والأطر التنظيمية الدَّاعمة للشركات وقدرتها التنافسية هي الكفيلة باستمرار، بل وتحفيز، الابتكار والنزعة الابتكارية".
ويقول الخبراء إنَّ برامج ومبادرات الشراكة التي تنطلق بين حين وآخر حول العالم قد مكَّنت بالفعل سُكان المُدن والمناطق الريفية على حدٍّ سواء من تعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للإنترنت، وتعدُّ الشركات في طليعة المساهمين في مثل هذه الجهود.
وكشفت دراسةٌ نشرها البنك الدولي في شهر يوليو 2009 أنَّ ازدياد عدد المشتركين في خدمة الإنترنت فائقة السُّرعة بنسبة 10 بالمئة من شأنه تعزيز النمو الاقتصادي بنسبة 1.3 بالمئة. وتدعم الدراسة الصَّادرة عن البنك الدولي القناعة المطلقة لدى الغرفة التجارية الدولية بأنَّ صياغة سياسات واعية ومدروسة تساهم في نشر خدمة الإنترنت واستكشاف آفاق جديدة، مثل خدمة الإنترنت النقالة، تساهم إلى حدٍّ بعيد في تعزيز الفرص الاقتصادية العالمية.
وقال هيربيرت هايتمان، كبير مديري الاتصالات العالمية في شركة SAP ورئيس اللجنة المختصة بالأعمال الإلكترونية المنبثقة عن الغرفة التجارية الدولية: "كثيرون منا ينظرون إلى الإنترنت وآفاقها الهائلة، وفرصها المهولة، بوصفها حقيقة واقعة. ولكن، علينا أن نعرفَ أننا لم نستكشف من إمكاناتها وقدراتها المهولة إلا القليل القليل، وفي اعتقادنا أن الإنترنت هي سبيلنا نحو النمو الاقتصادي المستقبلي".
ووفقاً لدراسة نشرها في وقت سابق من هذا العام المجلس الهندي لبحوث العلاقات الاقتصادية الدولية (ICRIER) فإنَّ الآثار الاقتصادية لتقنية الإنترنت النقالة كانت لافتةً وجليةً في عدد من أسرع المناطق نمواً في العالم.وعلى سبيل المثال فإنَّ الاستعانة بالتقنية النقالة في بلدة بونديتشيري الهندية الساحلية المُطلَّة على خليج البنغال قد مكنت الصيَّادين المتواجدين على اليابسة من معرفة معلومات مفصَّلة عن مناطق صيد الأسماك ومن ثمَّ إحاطة زملائهم من الصيادين في البحر بتلك المعلومات أولاً بأول، الأمر الذي رفع الحصيلة اليومية لصيد الأسماك إلى عشرة أضعاف الكمية المعتادة.
وعلى صعيد آخر، يشير التقرير الصادر عن المجلس الهندي لبحوث العلاقات الاقتصادية الدولية إلى أنَّ خدمة سيارات الأجرة عند الطلب المنتشرة بالمُدن الهندية قد شهدت نمواً سنوياً لافتاً بلغ 50 بالمئة خلال الأعوام القليلة الماضية كنتيجة مباشرة لتزويد السائقين بهواتف نقالة والاستعانة بتقنية تحديد المواقع «جي بي إس» لتتبُّع سيارات الأجرة.
كما أظهرت دراسةٌ أجريت بتكليف من شركة «نوكيا سيمنز نتوركس» أنَّ ازدياد النفاذ إلى خدمة الإنترنت فائقة السُّرعة بالولايات المتحدة الأمريكية قد ساهم بنسبة 10 بالمئة من نمو الإنتاجية خلال الأشهر القليلة الماضية. وأردف التقرير المنشور في شهر فبراير من هذا العام أنه في حال وفرت الولايات المتحدة الأمريكية خمسة خطوط إنترنت فائقة السرعة إضافية لكلِّ 100 نسمة، فإنَّ ناتجها المحلي الإجمالي سيزيد بمعدَّل 0.5 بالمئة مقارنةً مع مستوياته الحالية في عام 2009.
وقال لوري كيڤنين، مدير الشؤون المؤسساتية في «نوكيا سيمنز نتوركس»: "خدمة الإنترنت النقالة تسهِّل على الأفراد، حتى في أبعد المناطق النائية، النفاذ إلى موارد معلوماتية ومعرفيَّة ضخمة، وتجعل في الوقت نفسه أفضل الممارسات متاحةً لكلِّ فرد أينما كان".
وتابع قائلاً: "كما أنها توسِّع المساحة الجغرافية للأسواق المحتملة، وتزيد الخيارات المتاحة، وتتيح النفاذ إلى السِّلع والبضائع والخدمات التي ربما كانت في السابق غير متاحة أو مجهولةً تماماً".
ويعتقد قادة الأعمال أن سياسات الإنترنت الفعَّالة يمكنها أن توفِّر البيئة المثالية للابتكار والتطوير، وأن تجذب الاستثمارات، وأن تساعد في إقامة البنية التحتية اللازمة للمستخدمين في المستقبل، بل وأن تحفز العجلة الاقتصادية والأنشطة الاقتصادية. ويتفق المحللون على أنَّ أطر السياسات العامة المدروسة تعزِّز وتحفز التنافسية لأنها تأخذ في حسبانها مسائل بالغة الأهمية مثل حرية تدفُّق المعلومات، وحماية البيانات، والمعايير الأمنية.
وتعدُّ مبادرة «مساهمة الشركات في دعم مجتمع المعلومات» (BASIS) المنبثقة عن الغرفة التجارية الدولية في طليعة داعمي ومؤيدي «منتدى إدارة الإنترنت 2009» الذي ستتواصل أعماله لمدة ثلاثة أيام متتالية. وهو المنتدى الأمميّ الذي يجمع القيادات الحكومية والمؤسسية وشخصيات المجتمع المدنيّ والشركات التقنية للتشاور والتحاور بشأن المسائل المتصلة بحوكمة الإنترنت وصياغة سياساتها.
ويتيح «منتدى إدارة الإنترنت» صياغة السياسات الخاصة بالإنترنت عبر تمكين المشاركين من مشاطرة الأفكار وإتاحة فرصة متساوية لكافة المشاركين للتعبير عن رؤيتهم وآرائهم . وتبادل أفضل الممارسات . وتعزيز القدرات البشرية والمؤسساتية
وينتهي التكليف الأصلي للمنتدى، ومدته خمسة أعوام، مع نهاية عام 2010، وقد أكدت مبادرة «إجراءات الشركات لدعم مجتمع المعلومات» المنبثقة عن الغرفة التجارية الدولية دعمها المتواصل للمنتدى لإكمال مسيرته ومبادئه التأسيسية.