توقعات بتراجع نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي
توقعت تقارير أبحاث متخصصة حدوث انخفاض في الانفاق على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال العام الجاري 2009 مع بدء منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا اتباع اجراءات جديدة تتوافق مع الأوضاع الاقتصاديّة الجديدة في الأسواق وذلك وفق دراسة خاصة بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أجراها مركز "مدار للأبحاث" بالتعاون مع "أورينت بلانيت للعلاقات العامة والتسويق". واشار التقرير ان الأعوام الأخيرة شهدت تحقيق نسب نمو غير مسبوقة فيما يخص شراء أجهزة الكمبيوتر نتيجة استفادة الدول العربية من ارتفاع أسعار النفط وكذلك النهضة الاقتصادية الشاملة، الأمر الذي دفعها للإستثمار بشكل كبير في قطاع تكنولوجيا المعلومات. وأظهرت الدراسة تغير هذا الواقع في 2009 وذلك نتيجة الأزمة المالية العالمية الراهنة، حيث خلصت الدراسة إلى أن المنطقة ستشهد نسبة تراجع قدرها 5% في معدلات نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات خلال العام الجاري وذلك نتيجة السعي نحو تخفيض النفقات. وجاءت الإمارات على رأس قائمة دول المنطقة من حيث معدلات استخدام الكمبيوتر مسجلة نسبة قدرها 26.44% ودخول 1.482 مليون جهاز جديد حيز الاستخدام خلال العام 2007. وقد احتلت دول مجلس التعاون الخليجي المراكز الخمسة الأولى في هذه الفئة على مستوى العالم العربي، في حين تراجعت عمان قليلاً لتحتل المركز الثامن من بين 18 دولة عربية شملتها الدراسة. وقد حققت المنطقة العربيّة نسبة نمو على مستوى أجهزة الكمبيوتر وصلت إلى 5.95%، حيث يدل هذا الرقم على الفرص التجارية الضخمة والإمكانيات الكبيرة لهذا السوق. وتشير الدراسة إلى الأوضاع الاقتصادية السائدة والتوقعات الكبيرة بحدوث تراجع في النفقات العوائق الرئيسية لنمو هذا القطاع. وتتوقع الدراسة أيضاً انخفاضاً بسيطاً في معدلات استخدام الهاتف النقال خلال العام الجاري على الرغم من أن هذا الانخفاض يرتبط بشكل أكبر بالتغييرات التي طرأت على أعداد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي. ووفقاً لمركز "مدار للأبحاث" فإن التقديرات السابقة الخاصة باعتماد الهواتف النقالة قد تم التوصل إليها دون وجود احصاءات دقيقة عن عدد المقيمين الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي ومع وجود الأرقام الفعلية حالياً فإن تصحيحاً في التقديرات المستقبلية سوف يتم وفقاً لهذا. وعلى الرغم من تأثيرات الأزمة المالية العالمية والتغيرات في الإحصاءات السكانية، فقد أكدت الدراسة عدد مشتركي الهواتف النقالة سوف يبقى العامل الرئيسي في التقدم الثابت الذي تشهده منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في مجال اعتماد تكنولوجيا المعلومات والإتصالات. وقد أوردت الدراسة القرارات المتعلقة بمنح تراخيص لشركات هاتف نقال ثانية في فلسطين وقطر خلال عامي 2007 و2008 على التوالي، الأمر الذي حرر بشكل فاعل الاحتكار في السوقين الباقيين بدون تحرير في قطاع الهاتف النقال في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، حيث توجد بعض التطورات الرئيسية التي سيكون لها أثر طويل الأمد على معدل تبني تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في المنطقة. وقال عبد القادر الكاملي، رئيس ومدير الأبحاث في مجموعة "مدار للأبحاث": "يظهر مؤشر تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن معظم دول المنطقة حققت نمواً ثابتاً في معدلات تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن الواضح أن مشتركي الهاتف النقال ما يزالون القوة الرئيسية التي تقف وراء الانتشار الواسع لأدوات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي. وقد لعب تحرير قطاع الاتصالات دوراً رئيسياً في فتح إمكانيات النمو فيه في مختلف الدول. ومع أنه من المتوقع للتعديلات أن تتسبب بحدوث تغيرات قصيرة الأمد، فإننا متفائلون بمعدلات نمو أقوى على المدى الطويل في كافة أنحاء المنطقة وخاصة في قطر وفلسطين مع كسر الاحتكار في قطاعات الهواتف النقالة فيها". وقال نضال أبوزكي، مدير عام شركة "أورينت بلانيت للعلاقات العامة والتسويق": "من المتوقّع أن يؤدي تحرير سوق الاتصالات إلى إيجاد فرص نمو كبيرة كما أنه يؤثر بشكل كبير في تعزيز ثقة المستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ونحن على ثقة بأننا لا نزال في مرحلة انتقالية، حيث تتأقلم الاقتصادات العربية على التعامل مع التعديلات المتنوعة وإطلاق وتطبيق السياسات الاقتصادية. ومن الواضح أن المنطقة لديها فرصاً جيّدة على المدى البعيد كون السلطات تعمل على تعزيز المساهمات الاقتصادية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات". ووفقاً لمؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2007 والذي قاس معدل الإقبال على اعتماد تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في 18 دولة، فقد سجل معدل استخدام الهواتف النقالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة نمو قدرها 40.51% خلال العام 2007. وساعد ذلك في الحفاظ على تقدم ملحوظ في اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في 18 نظام اقتصادي في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا والتي زاد فيها مؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ليصل إلى 0.83 بحلول نهاية العام 2007 مرتفعاً بنسبة 30.21% مقارنة بالعام الذي سبقه. وتصدرت الإمارات مؤشر دول منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا بنسبة 2.19 لتكون بذلك الدولة الوحيدة في المنطقة التي استطاعت تخطي حاجز النقطتين 2.00 الخاص بمؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما أظهرت الدراسة تسجيل عدد من الدول العربية لانخفاض في نتائج المؤشر، في حين أن أرقام النمو المستقبلية في قطاعات أخرى قد تنخفض بشكل كبير نتيجة للتصحيحات المبنية على أرقام الاحصاءات الرسمية والسياسات المتبعة حديثاً. فعلى سبيل المثال، قامت دول مثل البحرين وقطر بإجراء تعديلات كبيرة في عملية الاعلان عن أعداد السكان خلال العام 2007، الأمر الذي نتج عنه أرقام مؤشر أقل بكثير للعام على الرغم من الأرباح القوية على مستوى مختلف الدلالات. وقد أكد مركز "مدار للابحاث" على أنه من غير المجدي مقارنة نتائج المؤشرات للعام 2006 و2007، خاصة في الدول التي أعطت تقارير عن تغيرات كبيرة في البيانات الإحصائية لعدد السكان. وفي تطور متصل، أصدرت هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات تعاريف جديدة بالنسبة للمشتركين النشطين، قد تسهم في انخفاض كبير في أعداد مشتركي الهاتف النقال خلال العام 2008 عند الاعلان عن أرقام العام المنصرم. وقد عرفت الشركتان المشغلتان لخدمات الاتصالات في الامارات في وقت سابق، المشتركين على أنهم أي عملاء ساهموا في تحقيق أرباح شركات الاتصالات خلال السنة الماليّة. ولكن وفقاً للتعاريف الجديدة الصادرة عن الهيئة، فإن المشتركين النشطين هم الأشخاص الذين يتصلون أو يتلقون اتصالات أو يرسلون رسائل نصية أو رسائل متعددة الوسائط خلال مدة 90 يوماً. ونتيجة لذلك، قامت شركة الامارات للاتصالات المتكاملة "دو"، المشغل الثاني لخدمات الاتصالات في الإمارات، بمراجعة أرقامها للعام 2008 معلنة بأنه على الرغم من وصول عدد المشتركين الإجمالي خلال الربع الأول إلى حوالي 1.7 مليون فإن عدد مشتركيها النشطين قد وصل إلى 1.4 مليون فقط وفق التعاريف الجديدة. ولم تقم الشركة الأخرى المشغلة للهاتف النقال في الامارات "اتصالات" بمراجعة أرقامها، ولكن التعريف الجديد للمشتركين النشطين يتوقع أن ينعكس على أعداد المشتركين مع نهاية العام 2008. وعلى الرغم من التعديلات والسياسات الجديدة، يوفر اشتراك الهاتف النقال إمكانيات كبيرة للنمو طويل الأمد في الإمارات وباقي أرجاء العالم العربي مدفوعاً بتحرير قطاع الهواتف النقالة. فقد ازداد عدد مشتركي الهاتف النقال في الإمارات بنسبة 27.57% بمعدل نمو سنوي مركب خلال الفترة بين 2003 و2007، والذي يعد النمو الأقوى بين مختلف القطاعات في الدولة. وقد حققت الإمارات نسبة نمو قدرها 42.61% خلال العام 2007 فقط، في حين زاد معدل استخدام الهاتف النقال ليصل إلى 131.64%، والذي يعد الأعلى في العالم العربي خلال العام 2007 مقارنة بـ 124.52% خلال العام 2006. وأشارت الدراسة إلى أن دخول مشغلين جديدين للهواتف المتحركة إلى قطاع الهواتف النقالة في المنطقة خلال العام 2007، "دو" في الامارات و"اتصالات" في مصر، زاد من احتمالات النمو في هذا القطاع على المدى الطويل. وقد حدثت العديد من التطورات الهامة خلال العام 2007 و2008 والتي سينتقل تأثيرها على قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال الأعوام المقبلة. ففي شهر سبتمبر/ايلول 2008، قامت هيئة تنظيم الاتصالات في البحرين بتقديم عروض من أجل ترخيص شركة ثالثة لتشغيل الهاتف النقال، حيث من المتوقع أن يطلق المشغل الجديد خدماته خلال العام الجاري. ومنحت الكويت ترخيص ثالث لتشغيل خدمات الهاتف النقال خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2007 الى إئتلاف اطلق خدماته بنهاية العام الماضي 2008. كما تم منح تراخيص جديدة في كل من قطر والسعودية وفلسطين. وعلى الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي قد احتلت المراكز الخمسة الأولى ضمن مؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي، فإنها لم تحقق نفس معدلات النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وقد ذهبت هذه الميزة الى مجموعة من الاقتصادات التي تمثل باقي منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والتي تمتلك أسواقاً متأخرة نسبياً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وحيث يميل النمو لأن يكون أكثر وضوحاً. فقد حقق السودان على سبيل المثال، نسبة نمو قدرها 104.57% في عدد مشتركي الهواتف النقالة خلال العام 2007 والتي اعتبرت في حينها الأقوى في العالم العربي. وقد حققت دول بلاد الشام نمواً قوياً بنسبة 50.21 ليصل عدد مشتركي الهاتف النقال فيها إلى 57.560.330 مشترك مع حلول نهاية العام 2007، مقارنة بنسبة نمو بلغت 48.15% خلال العام 2006. وقد وصل عدد مشتركي الهاتف النقال في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2007 الى 43.921.844 بنسبة زيادة وصلت إلى 40.04 مقارنة بنسبة 35.16% خلال العام 2006. وجاء استخدام الانترنت كثاني أسرع قطاع من حيث النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت بنسبة 32.55% من 29.731.910 إلى 39.408.690 خلال العام 2007. إضافة إلى ذلك، عملت 18 دولة عربية على تحرير قطاع خدمات الانترنت والذي يعد واحداً من أولى القطاعات التي يتم تحريرها بشكل كامل في معظم البلدان العربية. ويأتي هذا النمو نتيجة للزيادة المضطردة في الدول ذات معدلات الاستخدام المنخفضة بما فيها الجزائر ومصر والسودان. فقد سجلت الجزائر أقوى معدلات النمو في المنطقة فيما يتعلق بعدد مستخدمي الانترنت خلال العام 2007 بنسبة قدرها 62.27% من إجمالي المستخدمين البالغ عددهم 4 مليون. وباستثناء فلسطين، التي سجلت معدل نمو بسيط بلغت نسبته 5.24%، حيث ارتفع عدد مستخدمي الانترنت فيها من 525 ألف خلال العام 2006 ليصل الى 552500 خلال العام 2007، حققت كافة دول الشرق الاوسط وشمال أفريقيا معدلات نمو متوسطة وإن كانت متواضعة في معظم الحالات. وإجمالاً، حققت 11 دولة معدلات نمو بنسبة تقل عن متوسط المعدل العربي بما فيها الإمارات والأردن وعمان والكويت. وقد وصل متوسط استخدام الانترنت في 18 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى أقل من 12.16%. ومن جهتها، حافظت الإمارات على صدارتها لمعدل استخدام الانترنت بنسبة بلغت 37.79%، تليها البحرين بنسبة 31.52% ومن ثم قطر بنسبة 31.41%. ولم تتمكن أربع دول في تخطي نسبة 10%، حيث سجلت اليمن أقل نسبة في مجال استخدام الإنترنت والتي وصلت إلى 5.01%. ولم تكن هناك فروقات كبيرة في مستويات النمو الاقليمي خلال العام 2007، مع ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 31.88% (10.830.000 مستخدم)، مقارنة مع نسبة ارتفاع بلغت 30.14% (14.979.500 مستخدم) في دول المشرق. وسجلت شمال أفريقيا نمواً أقوى بنسبة 37.17% خلال العام 2007 ليصل عدد مستخدمي الانترنت الى 10.027.190 مستخدم. ومثلت معدلات النمو السنوية في كل منطقة زيادة كبيرة، حيث كان معدل نمو عدد مستخدمي الانترنت في دول مجاس التعاون الخليجي 9.36% خلال العام 2006 و16.40% في بلاد الشام و20.17% في شمال أفريقيا. وقد ارتفع عدد مستخدمي الانترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 15.20% خلال العام 2006. وهناك عامل هام آخر من المفترض أن يعزز قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة وهو إيجاد سلطات تنظيمية مستقلة تشرف على البت في عدد أو مجمل الجوانب المتعلقة بسياسة الاتصالات في الأسواق التي تشهد منافسة أو التي تستعد لتحرير هذا القطاع. وفي نهاية العام 2007 كشف مركز "مدار للابحاث" أن 13 من 18 من اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي شملتها الدراسة الاستقصائية تمتلك جهات تنظيمية مستقلة، ما يمثل إضافة هيئة جهة تنظيمية واحدة مقارنة بالعام الذي سبقه. وقد تم تنفيذ الوظائف التنظيمية في الدول الخمسة، التي تفتقر لوجود هيئات مستقلة لتنظيم الاتصالات، وهي اليمن وفلسطين والكويت وليبيا وسوريا من خلال وزارات الاتصالات ومزودي الخدمات الحاليين التابعين للحكومة. وأشار مركز "مدار للابحاث" في دراسته مرة أخرى أنه كان هناك صعوبة في حساب النمو في دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأخرى في العالم العربي خلال العام 2007 وذلك لأن عدداً من المؤشرات الخاصة بعامي 2006 و2007 قد تم تصحيحها أو تعديلها من قبل موفري الخدمة بالإضافة الى تعديلات هامة طرأت على عدد السكان من قبل بعض دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص.