فى كايرو اى سى تى ندوة تحديات السينما المصرية تكشف:
40 % نسبة القرصنة على المنتجات السمعية والبصرية فى مصر
عدد كبير من الجمهور فى طريقه لحضور الندوة
تواجه صناعة السينما في مصر تحديات عاتية، تأتي على رأسها عمليات القرصنة وسرقة الأفلام وبثها على شبكة الانترنت مما ينتج عنه خسائر فادحة للمنتجين وبالتالي لكل العاملين في هذه الصناعة والتي تعد مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي، وبالرغم من كل التقنيات الحديثة المتاحة فإنها لم تُحل دون تزايد أعمال القرصنة على الأعمال السينمائية، ليصبح بذلك القانون هو الحل الوحيد للتصدي لتلك التحديات، وذلك فى ظل مطالبات من القائمين على تلك الصناعة بضرورة إنشاء هيئة تعمل على الحد من أعمال القرصنة وضرورة إنفاذ قوانين حماية الملكية الفكرية.
وسط حضور مكثف لأساتذة الإعلام وخبراء الاتصالات والمنتجين الفنيين دارت ندوة خاصة اليوم ضمن فاعليلت كايرو اى سى تى تحت شعار "التحديات التى تواجه السينما المصرية" خلال اليوم الأول من فاعليات معرض ومؤتمر "كايرو أى سى تى" بقاعة المؤتمرات، التى أوضحت مدى تضرر صناعة السينما جراء القرصنة، فضلا عن تضرر كل من القائمين عليها سواء شركات إنتاج وتوزيع أو ديار السينما المصرية.
أدار الندوة الفنانة الشهيرة إسعاد يونس، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للإنتاج السينمائي، والتي أوضحت مدى تأثر صناعة السينما المصرية جراء عوامل عديدة أهمها سرقة الأفلام من دور العرض وأعمال القرصنة عبر الانترنت، موضحة أن الانترنت أصبح وسيلة تستغل بالخطأ فى الترويج لمنتجات ليست شرعية مثل الأفلام التى تسرق من دور السينما بعد عرضها بأيام قليلة، الأمر الذى يكبد شركات الإنتاج خسائر لا يمكن تعويضها .
وأشارت إلى أحد أفلام الموسم الحالي الذى تمت سرقته خلال أول يوم من عرضه وتم وضعه على الانترنت وتحميله 500 ألف مره خلال 24 ساعة فقط ، مشيرة إلى أن "الفيس بوك" أصبح إحدى الوسائل للقرصنة على الأفلام ، إذ يقوم بعض المستخدمين بوضع روابط مباشره لتحميل الأفلام على صفحاتهم على "الفيس بوك" وهذا يعد أقوى الوسائل الترويجية للأعمال المسروقة بعد الاسطوانات والمنتديات.
وأضافت إسعاد يونس أننا بالفعل نتمكن من معرفة السارق ولكننا لا نتمكن من ضبطه لعدم وجود أى مساعدات من قبل الجهات الأخرى سواء كانت حكومية أو خاصة، مشيرة إلى أن أحدث الأعمال السينمائية التى لا تزال معروضة فى دور العرض السينمائية أصبحت متاحة على الارصفة ومحطات البنزين المفترض أنها تابعة للدولة، موضحة أن هناك بعض النوادي الاجتماعية فى الأقاليم والمحافظات تبث الأفلام المسروقه لروادها دون الشعور بأي ذنب أو خطأ حيال تلك الأعمال، وانتقدت الدور الرقابي والأمني الذى تلعبه الدولة حيال تلك الصناعة.
وقالت إنه لا يزال هناك أفكار قديمة معتنقة تعرقل مسيرة الإبداع الفني والسينمائي وتحجم القائمين على هذه الصناعة وتلك العوامل مجتمعة سوف تؤدى إلى انحدار صناعة السينما المصرية بلا شك لو لم تتغير تلك الأفكار وتسير حسب متطلبات المشاهدين .
وطالبت بضرورة الخروج من الأفكار المعتنقة لصناعة الإعلام المفروضة عليها حتى يمكن تقديم وجبة متكاملة للجمهور، كل حسب اختياره ورغبته، مؤكدة أن السينما اختيارية للجمهور وليست إجبارية والأمر كذلك في التلفزيون فكل مشاهد يختار ما يناسب ثقافته وفكره دون إجبار من أحد، وترى أن تنوع الأعمال هو أحد الوسائل للنهوض بالصناعة فى مصر، وأكدت أن الصناعة القوية للسينما تفرض شروط على المنتج بضرورة تقديم وجبة متنوعة للمشاهد لتحتوى الأعمال على جرعات سياسية وكوميدية واجتماعية وغيرها .
ووجهت إسعاد نداء من خلال المؤتمر للشعب المصرى لمواجهة هذه القرصنة، إذ يملك دافعاً وطنياً كبيراً ظهر خلال المباريات الأخيرة في مصر، مؤكدة أن هذا الدافع لابد وأن يُوجد لتوعية المصريين بمشاكلها، ومثل هذا الأمر حدث في إنجلترا وقامت حكومتها بمخاطبة الشعب وتوعيته بأن عمليات القرصنة ستضيع معالم وطبيعة أفلامهم وسط الصناعة الأمريكية، ونجحت في ذلك، إذ أكدت الإحصاءات الأخيرة أن القرصنة من جانب الإنجليز على الأفلام الإنجليزية قلت بنسبة كبيرة.
وحول مطالبة أحد الحاضرين بتخفيض أجر مقابل الأعمال الفنية للجمهور باعتبارها مرتفعة الثمن وحتى لا يتم قرصنتها، أوضحت إسعاد أن القرصنة لا تفرق بين الفيلم "الغالي والرخيص" أو الجيد والسيئ، مطالبة جميع الهيئات الرقابية والأمنية والجمعيات المعنية بحماية الملكية الفكرية .
وأكد الدكتور حسين أمين، أستاذ قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية أن نسبة القرصنة على الأعمال السمعية والبصرية فى مصر تزيد على 40 % ، مؤكدا أن نسبة القرصنة على منتجات مايكروسوفت العالمية فى مصر تزيد على 63 % مما يدل على مدى استباحة أعمال القرصنة فى مصر.
وأضاف لابد من سرعة إنفاذ للقانون الذي لا يعمل به فى مصر والذى ينص على معاقبة منتهكي حقوق الملكية الفكرية حتى تتمكن الملكية الفكرية من القيام بدورها الرئيسي فى التنمية ، موضحا أن الحقوق كلما رجعت لأصحابها المبدعين ستساعدهم أكثر على الإبداع ، بالاضافة إلى ضرورة وجود تعاون إقليمي عربي بين مكاتب حماية الملكية الفكرية لتمكينهم من القيام بدورهم، هذا فى ظل وجود شفافية وثقافة مجتمعية تحث المشاهدين على دعم هذه الصناعة .
وأضاف أن الأعمال السينمائية قد تبدو مربحة جدا ولكنها أيضا الأكثر تضررا فى مجال الإعلام وهذا هو الخطر الأكبر المحيط بها لأنها تؤثر على صناعة السينما بشكل كبير، مما يؤدي إلي وجود أزمات مالية متكررة فيها ، موضحا أن صناعة السينما ليست منتج ملموس ولكنها تمثل "صناعة الإعلام" التي تمثل مردوداً فكرياً عالياً لدى الجمهور وأصبحت الصناعة الآن تخسر مقامها ومكانتها .
وأكد إياد لبيب رئيس شركة "برين ويفز" على أهمية الحلقة النقاشية المقامة على هامش المؤتمر واعتبرها قضية حيوية جدا، مشيرا إلى أن كل من قطاع تكنولوجيا المعلومات وصناعة السينما أصبحت مترابطة ببعض باعتبار التكنولوجيا شريكاً أساسياً لإنجاح الأعمال السينمائية.
كما أكد أن الجميع يشكو من القرصنة على الأفلام السينمائية لما كبدته لشركات الإنتاج من خسائر فادحة خلال السنوات الماضية، موضحا أن السينما كانت من الأعمدة الأساسية التى كان يبنى عليها الدخل القومي باعتبار مصر رائدة فى هذا المجال ومنبر لكل دول الشرق الأوسط وإفريقيا .
وأضاف أن المنتجين باتوا يتخوفون من كل عمل يرغبون فى القيام به لعدم ضمان عوائد تلك الاعمال بسبب القرصنة، لأنها صارت تحول دون إرجاع الحق لأصحابه ، مطالبا بضرورة إرساء قواعد أساسية للحد من ظاهرة انتشار القرصنة على الأعمال السينمائية حتى نستطيع مواكبة الدول العالمية فى الصناعة التى نحن روادها على مستوى الدول العربية.
ونوه إلى تمكين التكنولوجيا فى هذا المجال بشكل أكبر من خلال وضع "علامات مائية" على كل الاعمال الفنية التى ستساعد على ضبط الأفلام المسروقة وتحديد مكان سرقتها لوضع وسائل تأمينية أكثر على تلك الأماكن التي يتكرر فيها أعمال السرقة مثل ما يحدث فى أمريكا .
وأوصت الندوة بضرورة :
* نشر حماية الوعي بأهمية صناعة السينما باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي .
* نشر حقوق الملكية الفكرية في مناحي الحياة لما لها من تأمين شامل ومستدام .
* المساهمة في صياغة وتنفيذ قانون للحد من انتشار ومواجهة عمليات القرصنة علي الأعمال السينمائية.
* المساهمة في إيجاد أنماط تطبيق المواد الأخلاقية لتقنين دور الرقابة على الأعمال .
* المساهمة في استخدم أحدث الوسائل التكنولوجية لتشفير الأعمال السينمائية .
* العمل على تعظيم العمل البيني العربي تحت مظلة جامعة الدول العربية.