ضرورة مواجهة تحديات ثاني أكسيد الكربون
علي أحمر المدير الإقليمي للمبيعات عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة بروكيد للاتصالات
نظرًا لزيادة الوعي بالتغير المناخي والقلق على البيئة، أصبحت العديد من الدول والصناعات في دائرة الضوء واضطرت إلى مراجعة مؤهلاتها في سجل الحفاظ على البيئة. وقد أكدت العديد من الدراسات والأبحاث الصلة القوية بين انبعاثات الكربون وظاهرة الاحترار العالمي. وأسوأ أربع دول على مستوى العالم من حيث انبعاثات الكربون لكل نسمة وبما يتوافق مع الدخل النسبي لكل فرد هي: قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت. فقطر تصدر أكثر من ثلاث أضعاف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة الأمريكية، أما الكويت والإمارات العربية المتحدة فينبعث منهما تقريبًا ضعف ما تصدره الولايات المتحدة الأمريكية من ثاني أكسيد الكربون لكل نسمة، وتتساوى المملكة العربية السعودية تقريبًا مع الولايات المتحدة في مستويات انبعاث ثاني أكسيد الكربون لكل فرد.
والشرق الأوسط بحاجة إلى دراسة تنفيذ التشريعات الخاصة بالبيئة بشكل جدي على غرار ما تطبقه الدول الأوروبية. وفي عام 2005، طرح الاتحاد الأوروبي فكرة خطة مبادلة الانبعاثات Emission Trading Scheme، وهي أكبر خطة لتبادل الانبعاثات متعددة الجنسيات في العالم وتمثل ركيزة كبرى في سياسة المناخ بالاتحاد الأوروبي. وفي إطار هذه الخطة، يجب على أكبر الدول إصدارا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الأوروبي أن تراقب وتصدر تقريرًا سنويًا عن هذه الانبعاثات. والشركات مطالبة بشراء تصريحات لكل طن متري من الكربون يصدرونه، مع ضرورة حد أقصى لمقدار الكربون المنبعث وتقليل عاما بعد عام. ويستهدف الاتحاد الأوروبي بصورة أساسية المؤسسات كثيفة الاستهلاك للطاقة، أما الصناعات الأقل نهمًا للطاقة فلن تتأثر. وفي هذا الإطارطرحت المملكة المتحدة إلزام تقليل الكربون Carbon Reduction Commitment والتي غيرت اسمها إلى خطة ترشيد الطاقة في أبريل 2010، وهي خطة إجبارية لتحديد الكربون ومبادلته تسري على كل المؤسسات التي لا تستهلك الطاقة بكثافة في القطاعين العام والخاص. ومن المتوقع أن تخفض الخطة انبعاثات الكربون بنسبة تتراوح ما بين 1.2 مليون طن كل عام بحلول عام 2020.
وبدأ مركز دبي المتميز لضبط الكربون مؤخرًا عملياته في أبريل هذا العام، وتعد ذلك بداية جيدة في الشرق الأوسط، وسيركز المركز على الفرص التي تنشئها المشروعات العالمية لتقليل انبعاثات الكربون، مع العمل في الوقت نفسه على تحفيز الاقتصاد الموفر في إنتاج الكربون في دبي من خلال اتباع سياسات تحفز المجتمع والشركات والقطاع العام على ترشيد الكربون في الإمارات. وعلى الدول الأخرى في المنطقة أن تحذو حذوها.
وفقا لدراسة أجرتها شركة ماكينسي، أصبحت تقنيات المعلومات والاتصالات التي تتضمن الحاسبات المحمولة والحاسبات المكتبية ومراكز البيانات وشبكات الحوسبة والهواتف الجوالة وشبكات الاتصالات أكبر المصادر إنتاجا لغاز ثاني أكسيد الكربون نظرًا لما يصاحبها من زيادة متنامية في انبعاثات الكربون، إذ يمثل قطاع تكنولوجيا المعلومات في مختلف دول العالم في الوقت الحالي ما بين 2 و3 في المائة من الإجمالي العالمي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتستأثر مراكز البيانات وحدها بالمسؤولية عن ربع هذه الكمية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون . وفي أغلب القطاعات الخدمية الأخرى، تشكل مراكز البيانات المصدر التجاري الأول لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويعد مركز البيانات المكان الأول الذي ينبغي أن تبدأ به المؤسسات والشركات التي تتطلع إلى الحفاظ على البيئة، وتولي الشركات في دول الشرق الأوسط المزيد من الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات الخضراء كنتيجة مباشرة للتوفير في التكلفة الذي يمكن تحقيقه من تنفيذ مثل هذه الاستراتيجية. تستطيع الشركات مضاعفة التوفير في استهلاك الطاقة لمراكز البيانات من خلال إدارة أكثر انضباطا وتقليل كل من التكاليف وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
رغم أن فرص توفير الطاقة في مراكز البيانات منتشرة وشائعة، ويمكنها أن تحقق وفرة كبيرة في التكلفة، لكن تكاليف التنفيذ وغيرها من العقبات يمكنها أن تعيق تبني هذه الفرص. وبالرغم من التكاليف المتنامية للكهرباء والحصة الكبيرة نسبيا من تكاليف مركز البيانات التي تتمثل في نفقات الطاقة، لا تزال تكاليف الطاقة في مراكز البيانات تمثل حصة صغيرة نسبيا من إجمالي تكاليف الشركة لأغلب عملاء مراكز البيانات، خاصة تلك الشركات التي تملك مراكز بيانات صغيرة أو متوسطة. ومما يضاعف من فداحة المشكلة أن أغلب مديري مركز البيانات لا يرون فاتورة الطاقة لهذه المنشآت ولا يعتمد أداءهم على تكاليف الطاقة.
ومن حيث المزايا التجارية، فإن القدرة على تقليل تكاليف التخزين مسألة مسلم بها لكن لا يتم تنفيذها. ووفقا للأبحاث عن الصناعة التي أجرتها شركة بروكيد للاتصالات، يعترف صناع القرار في أقسام تكنولوجيا المعلومات بأن توفير الطاقة قضية حيوية وأساسية بالنسبة للمؤسسات والشركات، مؤمنين بأن الشركات تنفق جزءا كبيرا من نفقات التشغيل العامة على تكاليف الطاقة. وبصفة عامة، أكثر من نصف الشركات الرائدة في التكنولوجيا بأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا يقولون أنهم يشعون بضغوط متزايدة لتخفيض التكاليف وتقليل استهلاك الطاقة. غير أن 50 في المائة من هذه الشركات يشعرون بالعجز عن فرض التخفيضات، لأن ميزانية الطاقة ليست في نطاق مسوؤلياتهم المباشرة.
ويمثل إنشاء مراكز بيانات موفرة للطاقة الأمل الأمثل لتقليل التكاليف وحجم انبعاث الكربون. على المنشآت أن تستفيد من التقنيات الحالية التي تستفيد من التبريد الطبيعي ومستلزمات الطاقة التي تحقق أقل قدر من الانبعاثات. والمثير للدهشة أن أكبر التخفيضات في التكلفة وانبعاثات الكربون تأتي من كفاءة التشغيل في مراكز البيانات التي تعمل في الوقت الحالي بمستوى منخفض للغاية. و وتستطيع الشركات من خلال إدارة الأصول بصورة مثالية والإدارة المسؤولة وتحديد أهداف واضحة لتقليل تكاليف الطاقة وانبعاثات الكربون، ترشيد استهلاك الطاقة في أجهزة ومعدات تكنولوجيا المعلومات وتقليل مقدار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من أجهزة مراكز البيانات، الأمر الذي يجعل عالمنا مكانا أفضل.