القاهرة

الجيش الألماني يستعد لمواجهة عصر الحروب الالكترونية القادمة

دويتشه فيله


الجيش الألمانى يستعد للمواجهة الألكترونية

بدأت دول عديدة، من بينها ألمانيا، بإعداد نفسها لمواجهة حروب المستقبل، التي تختلف في أساليبها عن الحروب التقليدية. وفي حين يصفها البعض "بالحروب النظيفة"، أطلق عليها البعض الآخر "الحرب الالكترونية". فلم تعد هذه الحرب تسعى إلى تكبيد العدو خسائر بشرية أو مادّية، بل أصبحت تشكل خطراً من نوع آخر من خلال السعي إلى تهديد أمنه المعلوماتي وشلّ كل المعاملات فيه بشتّى أنواعها: في مجال البورصة والمعاملات البنكية وشبكات الاتصالات بمختلف أنواعها. كما تسعى إلى التجسّس  الاقتصادي والتقني وكذلك العسكري، الذي يشكّل أمن كلّ دولة.

ومع نمو التحديات أمام أمنها المعلوماتي أدركت الحكومة الألمانية مدى أهمّية تعزيز شبكاتها الالكترونية من القرصنة والاختراق الأجنبي. وجاء ذلك عقب تعرّض المئات من أجهزة الحاسوب التابعة للجيش الألماني "لهجوم الكتروني" بواسطة دودة فيروسية أُطلق عليها "كونفيكر".

دودة "كونفيكر" تنتقل إلى حواسيب الجيش الألماني

وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الألمانية قد قامت بإبعاد أجهزة الحاسوب المُصابة بالدودة الالكترونية مؤقّتا وذلك للحيلولة دون انتقال هذه الدودة إلى أجهزة أخرى، إلاّ أن المسؤولين الألمان قد تيقنوا بأن ألمانيا ورغم تطورها التقني ليست بمنأى من الاعتداءات والهجمات الاليكترونية. فقد تعرضت العديد من البلدان الأوروبية إلى هجمات اليكتروني بالدودة الفيروسية "كونفيكر"، التي كانت قد أصابت قبل ذلك أجهزة تابعة للبحرية الفرنسية في منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي. كما تمكّنت هذه الدودة من إصابة حواسيب وزارة الدفاع البريطانية، ما يدفع المسؤولين إلى القلق، خاصّة لما قد يشكّله ذلك من تهديد لأمن بلد معيّن، ذلك أنه قد تستعمل مثل هذه الديدان الالكترونية للتجسّس على بلد معيّن.

يُشار إلى أن الدودة الفيروسية الاليكترونية "كونفيكر"كانت قد أصابت عدة ملايين من أجهزة الكمبيوتر في العالم خلال أيام قليلة من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، منها شبكات حاسوبية لشركات وهيئات حكومية. وكانت شركة مايكروسوفت قد أعلنت في وقت سابق عن مكافأة قدرها 250 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في القبض على من يقف وراء هذه الدودة.

ويرى الخبراء أن دودة "كونفيكر" تستغّل ثغرة في نظام التشغيل "ويندوز" وأنها تحاول الكشف عن كلمات المرور البسيطة وأنها سهلة الانتقال عبر الوسائط التي تستخدم في حفظ البيانات ونقلها من جهاز لآخر. وأكد خبراء بشركة "اف سيكيور"، المتخصصة في صناعة البرامج المضادة للفيروسات الحاسوبية، تأكيدهم على صعوبة إزالة هذه الدودة من الأجهزة المصابة وأن هذه الدودة تعمل على تحميل برامج أخرى ضارّة يستطيع المتسلّلون للأجهزة على سبيل المثال التجسّس من خلالها على كلمات المرور الخاصة بمستخدمي هذه الأجهزة أو إرسال رسائل الكترونية متطفّلة وغيرها من الممارسات غير القانونية.

إجراءات لمواجهة "الإرهاب الالكتروني"

وفي إطار تكثيف الجهود والإعداد لمواجهة مثل هذه "الهجمات الاليكترونية" أفادت مجلة "دير شبيغل" الألمانية على موقعها الاليكتروني أن الجيش الألماني بصدد تشكيل كتيبة عسكرية متخصصة في مكافحة "الإرهاب الالكتروني" أو بما يسمّى "بالنزاعات الالكترونية". وبحسب المجلة الألمانية فإن الوحدة ستتألف من 76 جنديا، وأطلق عليها أسم "قسم العمليات المعلوماتية والشبكات الاليكترونية". ومن المقرر أن تتخذ هذه الوحدة، الذي تعمل حالياً في سرّية تامّة، من ثكنة تومبورغ في بلدة راينباغ الواقعة بالقرب من مدينة بون الألمانية مقرّا له. ومن المنتظر أن يتم استكمال عمليّة الإعداد والتجهيز بداية من السنة المقبلة.

ويتدرّب ما وصفتهم مجلة "دير شبيغل" الألمانية "بالجنود القراصنة" تحت أمرة العميد فريدريش فيلهالم على حماية المؤسسات والمصالح الألمانية من "اعتداءات الكترونية"، على غرار الاعتداء الالكتروني الذي تعرّضت له استونيا عام 2007 وجورجيا في الصّيف الماضي. ويركّز الجنود، الذين تم تجنيدهم لهذه المهمّة من كلية علوم الكمبيوتر في الجامعات التابعة للجيش الألماني، على تطوير أساليب جديدة لاختراق شبكات اليكترونية والتجسّس عليها أو التشويش عليها أو هدمها أيضاً.

في غضون ذلك تقوم الحكومة الألمانية بتطوير شبكاتها الالكترونية وتأمينها من اعتداءات خارجية. فعقب اعتداءات اليكترونية تعرّض لها مكتب المستشارية والوزارات الألمانية في ربيع وصيف عام 2007 والتي قادت المحققين الألمان إلى مجهّز خدمات الكترونية مقرّه إقليم لانتسهو الصيني، تعتزم السلطات الألمانية تحويل المكتب الاتحادي للأمن وتقنيات المعلومات في مدينة بون إلى وكالة للدّفاع الاليكتروني.

 

مخاطر الحرب الاليكترونية

وكانت الحكومة الألمانية قد أقرّت في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الماضي مشروع قانون لدعم "الأمن المعلوماتي" للبلاد. وبموجب مشروع هذا القانون سيتم تعزيز ميزانية وعدد العاملين في وكالة الدفاع الاليكتروني، إضافة إلى توسيع صلاحياتها . وأشار المسؤولون الألمان إلى أهمّية هذا الموضوع نظراً لما أظهرته أحداث عالمية من خطورة "الحرب الاليكترونية"، فقد تعرّضت استونيا مثلا عام 2007 إلى هجمات قرصنة اليكترونية كبيرة ومنسّقة تسببت في شلّ الحركة العامّة في البلاد، حيث تم تعطيل الشبكات الالكترونية الاستونية ومواقع الانترنت التابعة للحكومة والمصارف وشركات الاتصالات والمؤسسات الإخبارية في استونيا على مدى أسابيع متتالية.

كما كانت جورجيا قد تعرّضت في الصيف الماضي عقب التدخّل العسكري الروسي إلى هجوم الكتروني مماثل. وهو سيناريو تخشى الحكومات، خاصة منها حكومات الدول المتطوّرة والتي تعتمد على الانترنت بشكل كبير، من أن تكون هدفا له. خاصة وأن محلّلين يرون أنه من الممكن في المستقبل تطوير أساليب أكثر تعقيدا وأكثر خطورة لاستخدامها كأسلحة الكترونية لإصابة أسواق المال ونظم الكومبيوتر والخدمات التابعة للحكومات. وقد تتسبب هذه "الحروب الاليكترونية" في شلّ البنية التحتية لبلد ما وإلحاق أضرار مادية بشركات وتكون خسائرها مليارات اليورو.