القاهرة

اختتام أعمال ملتقى قادة الإعلام العربي بمكتبة الإسكندرية

خاص


قادة الاعلام العرب فى ملتقى الاسكندرية

اختتم ملتقى قادة الإعلام العربي الذي انعقد بمقر مكتبة الإسكندرية بالتعاون بين هيئة الملتقى الإعلامي العربي ومكتبة الإسكندرية خلال الأول والثاني من يوليو الجاري أعماله بإصدار بيان شامل حول القضايا التي تناولها الملتقى وتوصيات سيتم رفعها إلى جامعة الدول العربية.

وكان اللواء عادل لبيب؛ محافظ الإسكندرية، والدكتور خالد عزب مدير إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية، وماضي الخميس؛ الأمين العام لهيئة الملتقى الإعلامي العربي، قد افتتحوا في الخميس الأول من يوليو، فعاليات الملتقى الثاني لقادة الإعلام العربي.

ورحب لبيب في بداية كلمته بالمشاركين في الملتقى قائلا: "إنني أكن لقادة الإعلام العربي كل تقدير واحترام، كما أحيي جهودهم المتواصلة في خدمة الإنسان العربي والارتقاء بالثقافة العربية عبر الكلمة الصادقة، والخبر الأمين، والتحليل الموضوعي".

وأضاف أن هذا اللقاء يحمل معاني كثيرة نظرًا لأنه يتوافق مع اختيار منظمة السياحة العربية مدينة الإسكندرية كأول عاصمة للسياحة العربية لعام 2010، مشيرًا إلى أن هذا الاختيار يضيف لرصيد المدينة الثقافي والعلمي والعربي.

وألمح إلى التحديات الكثيرة التي تواجه الإعلام العربي على الصعيدين الإقليمي والدولي في ظل السماوات المفتوحة والثورة التكنولوجية والاتصالية، مما يشكل عبئا كبيرا يتعين على الإعلام العربي مجابهته ومواكبة التطورات في هذا المجال الحيوي. كما أن ثورة تكنولوجيا الاتصال تؤدي إلى تعرض الجمهور العربي لفيضان إعلامي متعدد الأبعاد والأوجه، وبالتالي يقع على عاتق قادة الإعلام والمؤثرين في صناعته الحفاظ على الهوية العربية لجمهور المنطقة.

وأعرب ماضي الخميس الأمين العام لهيئة الملتقى الإعلامي العربي عن سعادته بعقد الدورة الثانية لملتقى قادة الإعلام العربي في رحاب مكتبة الإسكندرية، التي وصفها بالصرح الشامخ، وبمشاركة نخبة قادة الإعلام العربي والمؤثرين في صناعته في الملتقى الذي يهدف إلى إيجاد حوار نوعي مؤثر وفعّال من خلال اعتماد الشفافية والوضوح بين قادة الإعلام العربي، وذلك من أجل الوصول إلى حلول عملية وواقعية للمشكلات والعوائق التي تواجه مسيرة الإعلام العربي أو تعطلها.

ونوّه إلى أن هناك ثلاثة محاور أساسية للملتقى؛ تتناول الأولى منها دور الإعلام في دعم العلاقات العربية، بينما تدور الجلسة الثانية حول اقتصاديات الإعلام وأبرز العوائق التي تواجه المستثمرين في هذا المجال وأثر الأزمة الاقتصادية على وسائل الإعلام، أما الجلسة الثالثة فتتركز حول العلاقة بين الإعلام والسلطة.

كما أشار الدكتور خالد عزب إلى أن عقد مثل هذا الملتقى الذي يضم نخبة الإعلام العربي في الإسكندرية ومكتبتها يعد خطوة كبيرة في سبيل إنهاء المركزية الإعلامية للقاهرة. وأضاف أن المكتبة تعمل على امتلاك أداوتها الإعلامية في ظل التطور الحادث في المشهد الإعلامي؛ حيث تستخدم الوسائط الإعلامية الإلكترونية في الوصول إلى الجمهور، إضافة إلى تأسيسها أستوديو تليفزيونيًا سيقدم قريبًا للجمهور في المنطقة أول برنامج تليفزيوني علمي عربي خالص يعرض العلوم المعاصرة فيما يزيد عن 80 حلقة. كما لفت عزب إلى مشروع إنشاء محطة إذاعية تقوم به المكتبة بالتعاون مع محافظة الإسكندرية، كي تخدم المجتمع المحلي.

وعقدت الجلسة الأولى لملتقى قادة الإعلام العربي بعنوان: "الإعلام والعلاقات العربية"، والتي ترأسها صالح القلاب؛ وزير الإعلام الأردني السابق.

وطرح القلاب في بداية الجلسة تساؤلا هو: "العلاقات العربية والإعلام... من يشكل عبئا على الآخر؟!"، لافتا إلى أن البعض يحمّل الإعلام مسئولية توتير العلاقات العربية البينية، في حين يشير آخرون إلى أن العلاقات العربية تقيّد الإعلام وتحد من حريته.

وقال نبيل الحمر المستشار الإعلامي لملك البحرين، إن العالم العربي يمتاز بالحساسية في علاقاته البينية؛ حيث إن الصحافة مستغلة من قِبل السلطة في معظم الدول العربية إن لم يكن جميعها، مما يؤدي بها إلى توجيه الصحافة والإعلام إلى نشر رسائل تتوافق مع سياسة السلطة الحاكمة؛ وهو ما يؤدي أحيانا إلى الإساءة إلى العلاقات بين الدول العربية.

وأوضحت سميرة المسالمة، رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية، من جانبها، أن مسئولية توتير العلاقات العربية البينية تقع على عاتق الأنظمة والإعلام بشكل متساوٍ؛ فالإعلامي الذي ينجذب إلى السلطة يصبح مرتهنا بعلاقة تلك السلطة مع الدول الأخرى.

ونوّهت إلى أنه من الخطورة بمكان أن تتحول العلاقات المتوترة بين الأنظمة إلى التأثير على العلاقات بين الشعوب العربية، مضيفة أنه يتعين التوجه بإطار عمل عربي لمعالجة هذه القضايا.

وأشار فيصل مكرم، رئيس تحرير صحيفة الغد اليمنية، إلى أن الإعلام العربي ما زال مقيدا في إطار السياسة القطرية لكل دولة، كما أنه لم يستطع تأدية رسالته في الفضاء المفتوح للإعلام، مشددًا على أنه أمام تحد حقيقي يتمثل في كيفية التعاطي مع العلاقات العربية في إطار من الحرية، وبما يخدم المتلقي العربي. وألمح إلى أن التأطير القانوني

للإعلام في العالم العربي مقيد للحرية ولا يخدم تعاطيه مع العلاقات العربية؛ حيث إن التشريعات في هذا المجال عادة ما تكون "قاسية"، و"مخيفة"، و"مخجلة"، على حد تعبيره.

تحدث الدكتور شبل بدران عميد كلية التربية بجامعة الإسكندرية، قائلا إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم العربي خلال السنوات العشرين إلى الثلاثين الماضية أدت إلى ظهور الإعلام المستقل أو الخاص، منوّها إلى أن الرهان يقع على عاتقه؛ فهو يستطيع طرح قضايا الأمة وشعوبها.

وأكد ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي المصري، أن الإعلام العربي كان أداة لتوتير العلاقات بين الأنظمة والشعوب، مما خلق أزمات كبيرة، مدللا على ذلك بالعديد من الأمثلة التي حدثت خلال الفترة الماضية. وشدد على

 

أن وسائلنا الإعلامية لم تبرهن قدرتها على العمل باستقلالية عن مالكيها مقارنة بتلك في الدول الغربية التي لم ترق إلى الاستقلالية الكاملة، إلا أنها طوّرت أدوات من أجل ممارسة إعلامية أكثر استقلالية، وذلك من خلال التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام ونشر الخطوط العريضة لسياستها التحريرية ومراقبة الدقة العامة.

وقال صلاح سلام رئيس تحرير صحيفة اللواء اللبنانية، إنه من الظلم تحميل الإعلام مسئولية العلاقات العربية؛ حيث إنه مرآة المجتمع، مضيفا أن المواقف السياسية هي التي تخرب العلاقات بين الدول العربية أو تحسنها، وبالتالي فإن العلاقات العربية تشكل عبئا على الإعلام.

وأوضح أمين بسيوني رئيس اللجنة الدائمة للإعلام العربي بجامعة الدول العربية، أن هناك متغيرات عديدة في الإعلام اليوم أحدثتها ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وظهور وسائل الإعلام الإلكترونية، لافتا إلى أن جامعة الدول العربية تعمل دائما على مواكبة تلك التطورات. وشدد على الحاجة إلى مناقشة الدور الذي تقوم به القنوات الفضائية العربية وسلوكياتها واعتماد بعضها على الإثارة في محتواها؛ وهو ما يشكل عبئا على العلاقات السياسية العربية والقيم الثقافية. وفي هذا الإطار، اقترح التونسي أبو بكر الصغير؛ رئيس تحرير صحيفة الملاحظ، أن يتم تأسيس مرصد يعد في مرحلته الأولى تقريرا سنويا يرصد فيه حالة الإعلام العربي.

نوّه صلاح عيسى رئيس تحرير صحيفة القاهرة، إلى أن تأثير الإعلام في العلاقات العربية موضوع قديم جديد يُطرح منذ ستينيات القرن الماضي، مشددا على أن الإشكالية تكمن في كيفية الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية بين الشعوب العربية بمنأى عن التوترات السياسية بين دول المنطقة.

وقالت الكاتبة الصحفية البحرينية لميس ضيف إنه لا يمكن لوسائل الإعلام المطالبة بالحرية في تناول العلاقات العربية دون توافر الحرية في الداخل أولا؛ حيث إن هذا يفقد تلك الوسائل مصداقيتها. وأوصت ضيف بأن يكون وزراء الإعلام العرب من الإعلاميين.

ولفت عبد الله كمال رئيس تحرير روز اليوسف، إلى الحاجة إلى الاعتراف بأن وسائل الإعلام وعلاقتها بالسلطة هي محصلة طبيعة المجتمعات التي يحدث بينها أحيانا مناوشات ومناقشات. وأضاف أن إشكالية حرية الإعلام لا تتلخص في مقدار ما تتيحه السلطة من مساحة لوسائل الإعلام فحسب، وإنما أيضا ما يتيحه المجتمع الذي يحد من حرية الإعلام في الكثير من الأحيان.

وأثار نقيب الصحفيين المغاربة نقطة مهمة تتعلق بأنه أحيانا تفرض على وسائل الإعلام العربية ضغوطات اقتصادية وسياسية في حال تناولها لقضايا دولة أخرى، كأن يتم تسريح عمالة دولة تناول إعلامها قضية دولة أخرى في إطار الضغوط التي تمارس لتكميم الأفواه.

عقدت جلسة بعنوان : "اقتصاديات الإعلام" ترأسها نبيل الحمر المستشار الإعلامي لملك البحرين، وتحدث فيها صلاح دياب؛ رئيس مجلس إدارة صحيفة المصري اليوم، وحسن راتب؛ رئيس مجلس إدارة قناة المحور الفضائية، إلى جانب قادة الإعلام العربي المشاركين في الملتقى.

وقال الحمر إن الاقتصاد محوري في مجال الإعلام؛ حيث تواجه وسائل الإعلام العربية حاليا أزمات مالية، لافتا إلى أنه هناك استثمارات ناجحة في مجال الإعلام العربي مثل نموذج "المصري اليوم" و"المحور"، كما توجد إخفاقات كثيرة أيضا.

من جانبه، أوضح دياب أن الاستثمار في الإعلام لا يمكن أن يقوم على الربح فحسب، وإنما يتعين أن تكون هناك رسالة من وراء إنشاء وسائل إعلامية. وأضاف أن الحديث عن عدم وجود استقلالية للإعلام يؤدي إلى الشعور بالإحباط حيث إن هناك وسائل تعمل على تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية. وأكد أن القارئ هو الذي يوجه الصحف، وليست السلطة أو غيرها، فالقارئ هو المالك الحقيقي للصحف، وهو الذي يفرض التغيير، كما أن أرقام التوزيع هي التي تحدد مسار الصحف.

وخلص حسن راتب إلى أن الاستثمار في الإعلام يغلب القيمة على الجدوى، وليس الجدوى على القيمة كما في مشروعات استثمارية أخرى، مشددا على أن المستثمرين في الإعلام يتعين أن تكون لديهم رؤية. وألمح إلى أن وسائل الإعلام تعبّر عن رأي أصحابها، قائلا إن الحديث عن الفصل بين الملكية والإدارة يدخل في إطار الكلام غير العلمي .فالمالك يضع الأهداف العمومية والخطوط العريضة بحيث يعمل المختصّون في إطارها. وطالب بأن يشارك المجتمع المدني في الاستثمار في مجال الإعلام وأن يشارك في التمويل.

وقال التونسي الدكتور أحمد الحذيري رئيس تحرير صحيفة الحرية، إن من يقوم بالاستثمار في الإعلام يتعين أن يكون من الإعلاميين أو من رجال الأعمال الذين يعرفون حدود التدخل في العمل الإعلامي الذي يستثمرون فيه. في حين حيّا صلاح عيسى؛ رئيس تحرير صحيفة القاهرة، رجال الأعمال العرب الذين يدخلون حقل الاستثمار في الإعلام على شجاعتهم في المخاطرة بالدخول في هذا المجال؛ وهو ما اتفق معه خالد صلاح؛ رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع، وحسين عبد الغني؛ مدير مكتب قناة الجزيرة بالقاهرة، وعدد من المشاركين الآخرين في الجلسة الذين أكدوا على أهمية الإعلام الخاص في إثراء الساحة الإعلامية العربية، إذا ما التزم بالمعايير المهنية وأخلاقيات الإعلام.

وتحدث عبد الله محمدي؛ رئيس مؤسسة "صحرا ميديا" الموريتانية، عن صحافة المواطنة؛ مثل المدونات، والتي لا تحتاج إلى استثمارات كبيرة، كما أنها تحظى بنسبة إقبال عالية خاصة من قِبل الشباب.

أما اليوم الثاني من فعاليات نلتقى قادة الإعلام العربي فقد شهد جلسة تم من خلالها تناول محور جديد وهو محور "الإعلام والسلطة" ترأسها جلال دويدار؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة.

وقال دويدار إن العلاقة بين الإعلام والسلطة يتعين أن تقوم على الاحترام المتبادل وفقا لأسس؛ منها: الضمان الكامل لحرية التعبير على أساس المصداقية والأمانة ونشر الحقائق بعيدا عن الهوى وبما يحقق الصالح العام، والبعد عن

التشهير والسب والقذف والمساس بالحياة الشخصية إلا فيما يتعلق بالمصلحة العامة، وتوفير الدولة لحرية تداول المعلومات، والالتزام بآداب المهنة ومواثيقها.

ألمح صبري إبراهيم رئيس تحرير صحيفة الصباح التونسية، إلى أن ديكتاتورية السلطة أحيانا لا تكون هي العائق الوحيد أمام الصحافة والإعلام، وإنما ديكتاتورية الجمهور أيضا؛ وهو ما اتفق معه صلاح عيسى؛ رئيس تحرير صحيفة القاهرة، الذي لفت إلى أن هناك أشكال مختلفة من السلطة تتقاطع مع حرية الصحافة والإعلام، إلا أنه شدد على أن السلطة السياسية مازالت هي العائق الأكبر في هذا الإطار.

ونوّه عيسى إلى أن مصر تشهد حرية في مجال الصحافة والإعلام، إلا أنها غير مدعومة بالقانون؛ وهو ما يتعين العمل من أجل تحقيقه. كما طالب بضرورة تقنين حق العاملين في الإعلام المرئي والإذاعي بإنشاء نقابات مهنية مستقلة خاصة بهم.

وأكد يونس مجاهد؛ نقيب الصحفيين المغاربة، أن حرية الصحافة والإعلام هي قضية شمولية تخص المجتمع بأكمله، وليس فئة معينة داخله؛ حيث إن هذا الموضوع ينطلق من قاعدة المنفعة العامة، مشددا على ضرورة أن يكون هناك تنظيم ذاتي داخلي لوسائل الإعلام في العالم العربي.

وقالت نوال مصطفى رئيس تحرير كتاب اليوم، إن العلاقة بين الإعلام والسلطة في العالم العربي علاقة شائكة ومتداخلة، منوّهة إلى أن مصر لا تفتقر إلى الحرية بمعناها الواسع، وإنما إلى الخطوط الفاصلة بين الرقابة والفوضى، والتي يمكن وضعها وتحديدها من خلال مواثيق الشرف المهنية؛ إذ أن هناك ممارسات تفتقد إلى الضمير الوطني.

وأشار صالح القلاب وزير الإعلام الأردني السابق، إلى أن الإعلام سلطة رابعة ليست بمعزل عن السلطات الأخرى في المجتمع؛ فهي جزء من الناس والمجتمعات. أما عبد القادر شهيب؛ رئيس مجلس إدارة دار الهلال، فوضع أربعة حلول لإشكالية العلاقة بين الإعلام والسلطة تركزت في: أهمية تقنين حرية الإعلام، وضمان تدفق المعلومات للإعلاميين بشكل قانوني ومحاسبة من يعوق ذلك، وتدريب الإعلاميين لرفع كفاءتهم المهنية، وإقرار قواعد لمحاسبة كل من يتجاوز من الإعلاميين.

كما كان للدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، مشاركة أعرب من خلالها عن سعادته باستضافة المكتبة لهذا الحدث الكبير وتلك الكوكبة المهمة من الإعلاميين والصحفيين من مختلف الدول العربية، مشيرا إلى أن المكتبة تهتم بالتفاعل مع المجتمع، كما تدرك أهمية الإعلام في إحداث حراك ثقافي وسياسي واجتماعي داخل المجتمعات.

وأضاف أن العالم يعد في مرحلة انتقالية ناتجة عن التغييرات المجتمعية التي تحدثها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وهو ما يتطلب مواكبة العالم العربي لتلك التطورات الكبيرة. كما نوّه إلى أن المنطقة تعيش حالة من التعتيم الذهني في مجال القوة العلمية والمعرفية؛ فالعالم العربي مازال مستهلكا للتكنولوجيا وليس منتجا للمعرفة، في الوقت الذي سبقته فيه إيران وتركيا في هذا المجال، مشددا في هذا الإطار على قدرة الإعلام في إحداث التغيير وفرضه.

وأشار سراج الدين إلى أن مكتبة الإسكندرية تعمل على إنشاء محطة إذاعية محلية، إضافة إلى إنتاجها للعديد من المواد الإعلامية المرئية، إيمانا منها بأهمية ونبل الرسالة الإعلامية ومركزية دور الإعلام في المجتمعات.

وقد أصدرت هيئة الملتقى الإعلامي العربي في ختام الملتقى بيانًا ختاميًا وتوصيات سترفع إلى جامعة الدول العربية وكان نصها كالتالي:

 

 

إعلان الإسكندرية الإعلامي

 

فى أجواء من الحرية والمسئولية الإعلامية استضافت مكتبة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية فعاليات ملتقى قادة الإعلام العربي الثاني، وذلك في الفترة من 1 إلى 2 يوليو (تموز) 2010.

جاء انعقاد هذا الملتقى تجسيدا للتعاون والتنسيق بين مكتبة الإسكندرية وهيئة الملتقى الإعلامي العربي، بهدف إيجاد حوار نوعي مؤثر وفعّال يعتمد الشفافية والوضوح بين قادة الإعلام العربي في حوارهم، بهدف الوصول إلى حلول عملية وواقعية للمشكلات والعوائق التي تواجه مسيرة الإعلام العربي.

وقد شاركت كوكبة من قادة الإعلام العربي وحرص الملتقى على إشراك إعلاميين عرب من خارج المنطقة العربية، نظرًا لكون الإعلام العربي جزءًا من المنظومة الإعلامية الدولية، وحرصًا على ربط إعلامي "المهجر" بمنطقتهم العربية.

وخلال جلسات الملتقى ناقش المشاركون ثلاثة محاور هى:

أولاً: الإعلام والعلاقات العربية.

ثانيًا: اقتصاديات الإعلام.

ثالثًا: الإعلام والسلطة.

وفى هذا السياق شهدت الجلسة الافتتاحية للملتقى مشاركة عدد من رؤساء المحطات الفضائية والإذاعية، ونخبة من ملاك الصحف ورؤساء تحريرها، وممثلى المؤسسات الإعلامية بكافة أطيافها من مختلف الدول العربية.

وألقى الدكتور خالد عزب؛ مدير إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية، كلمة المكتبة في افتتاح الملتقى فعاليات نوّه فيها إلى أن هذا الملتقى يكتسب أهمية خاصة وتضفي عليه لمسة حضارية وثقافية كونه يُعقد هذا العام في مكتبة الإسكندرية بما تحمله من معانٍ عميقة على المستوى الإنساني والحضاري.

من جانبه أكد السيد ماضي الخميس؛ الأمين العام لهيئة الملتقى الإعلامي العربي، أن دوافع الهيئة من وراء انعقاد ملتقى قادة الإعلام العربي تتمثل في الإيمان العميق بأن الحوار الإعلامي العربي يجب أن ينطلق بمشاركة عملية من المسئولين عن الإعلام في الوطن العربي وقادته كل في موقعه، مما يوجه رسالة إلى الكوادر الإعلامية العربية في شتى وسائل الإعلام مفادها أن المسئولين عن الإعلام والمتحكمين في أدواته ليسوا بمنأى عن الأحداث، وأنهم يحملون همّ الإعلام العربي كما يحمله كل من يعمل في حقله ويتحرك في دائرته.

بينما أكد اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية أن هذا اللقاء يحمل معان كثيرة نظرا لأنه يتوافق مع اختيار منظمة السياحة العربية مدينة الإسكندرية كأول عاصمة للسياحة العربية لعام 2010، مشيرا إلى أن هذا الاختيار يضيف لرصيد المدينة الثقافي والعلمي والعربي.

وألمح إلى التحديات الكثيرة التي تواجه الإعلام العربي على الصعيدين الإقليمي والدولي في ظل السماوات المفتوحة والثورة التكنولوجية والاتصالية، مما يشكل عبئا كبيرا يتعين على الإعلام العربي مجابهته ومواكبة التطورات في هذا المجال الحيوي. كما أن ثورة تكنولوجيا الاتصال تؤدي إلى تعرض الجمهور العربي لفيضان إعلامي متعدد الأبعاد والأوجه، وبالتالي يقع على عاتق قادة الإعلام والمؤثرين في صناعته الحفاظ على الهوية العربية لجمهور المنطقة.

وأعرب الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، عن سعادته باستضافة المكتبة لهذا الحدث الكبير وتلك الكوكبة الهامة من الإعلاميين والصحفيين من مختلف الدول العربية، مشيرا إلى أن المكتبة تهتم بالتفاعل مع المجتمع، كما تدرك أهمية الإعلام في إحداث حراك ثقافي وسياسي واجتماعي داخل المجتمعات.

وأضاف أن العالم يعد في مرحلة انتقالية ناتجة عن التغييرات المجتمعية التي تحدثها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وهو ما يتطلب مواكبة العالم العربي لتلك التطورات الكبيرة. كما نوّه إلى أن المنطقة تعيش حالة من التعتيم الذهني في مجال القوة العلمية والمعرفية؛ فالعالم العربي مازال مستهلكا للتكنولوجيا وليس منتجا للمعرفة، في الوقت الذي سبقته فيه إيران وتركيا في هذا المجال، مشددا في هذا الإطار على قدرة الإعلام في إحداث التغيير وفرضه.

وأشار سراج الدين إلى أن مكتبة الإسكندرية تعمل على إنشاء محطة إذاعية محلية، إضافة إلى إنتاجها للعديد من المواد الإعلامية المرئية، إيمانا منها بأهمية ونبل الرسالة الإعلامية ومركزية دور الإعلام في المجتمعات

هذا وقد أكد قادة الإعلام العربي المشاركون فى المؤتمر على أهمية انعقاد الملتقى؛ خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يتزايد فيها دور الإعلام على الصعيدين العالمي والإقليمي، سعيًا إلى ترسيخ دور الإعلام في بناء المجتمع ليصبح ركنًا أساسيًا لا غنى عنه في مجرى التطور والتقدم اللذين تشهدهما البلدان العربية وغيرها من البلدان على كافة الأصعدة.

وفي نقاش جدي وعميق تابع المشاركون فعاليات الملتقى من أجل دور مميز للإعلام العربي وزيادة تأثيره في المجتمعات العربية. كما تطرقوا في مداخلات مهنية وموضوعية إلى سبل تفعيل الحوار لضمان تحقيق الإعلام، المسموع والمرئي والمقروء والإلكتروني، دوره المنوط به.

وعبّر قادة الإعلام والمؤثرون في صناعته عن تطلعهم إلى ازدهار الصلات والعلاقات فيما بين مؤسسات ووسائل الإعلام العربية، وبين الإعلاميين العرب، إضافة إلى بذل المزيد من الجهود الطوعية واللقاءات بين المهنيين العرب لتطوير أساليب الحوار وفق المعايير المهنية الدولية، وفي إطار القيم العربية.

وأشاد المشاركون بالدور التنويري والحضاري الذي تقوم به مكتبة الإسكندرية في المنطقة العربية والعالم، كما أعربوا عن امتنانهم للدور الذي تقوم به هيئة الملتقى الإعلامي العربي من أجل تدعيم أواصر الصلات بين الإعلاميين العرب، متمنين للملتقى المزيد من النجاح ومواصلة العمل من أجل تحسين وتطوير الإعلام العربي وجعله إعلامًا متطورًا قادرًا على الصمود والتحدي.

 

التوصيات

 

وقد خلصت مناقشات ومداخلات ملتقى قادة الإعلام العربي الثاني الذي عقد بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 1 إلى 2 يوليو 2010 إلى عدد من التوصيات التالية:

أولاً: ضرورة استثمار الإعلام العربي في تحسين العلاقات العربية بين الدول.

ثانياً: أن يلعب الإعلام العربى دورا مؤثراً فى خدمة قضايا الأمة وتطلعاتها الإنسانية والحضارية بما يمكنها من مواجهة تحديات المستقبل، وأن يركز على المشترك الثقافى والتاريخى واللغوى ممتنعا عن التحريض أو التحقير للكرامة الوطنية لكل شعب عربى على حدة.

ثالثاً: أن يتجاوز الإعلام العربى المحاذير ذات الصلة بالتوجهات السياسية القطرية، وأن ينأى بنفسه عن الدخول فى حملات إعلامية تهدم روابط العروبة والأخوة المشتركة.

رابعاً: ضمان استقلال الإعلام المملوك للدولة فى البلاد العربية عن الحكومات وعن كل الأحزاب السياسية وتعبيرها عن المشترك الوطنى العام، وعدم التدخل الإدارى فى شئونها، وإنشاء مجالس وطنية مستقلة تمثل المجتمع لإدارتها على أسس مهنية.

 

خامساً: تعزيز حرية الإعلام العربى بكل أنواعه فى إطار من المسئولية المهنية التى تضمن أداء فاعلاً ومؤثرا فى خدمة قضايا الأمة.

سادساً: أن يواكب الإعلام العربى، التطور الذى يشهده الإعلام الجديد (المدونات، الصحافة الإلكترونية، الإعلام المرئى على الشبكة، شبكات التواصل الاجتماعى،...)

سابعاً: إقامة ورش عمل وحلقات نقاشية حول أخلاقيات المهنية ومواثيق الشرف المهنية، التى تضمن الأداء المهنى والأخلاقى للإعلام العربى.

 

ثامناً: الاهتمام باللغة العربية فى مختلف وسائل الإعلام العربية، وأهمية وجود لغة ثانية غير العربية للعاملين فى الحقل الإعلامى العربى.

تاسعاً: دعم حضور مؤسسات المجتمع المدنى فى الإعلام العربى، بما يضمن علاقة تكاملية بينه والإعلام الرسمى.

عاشراً: أن يسهم الإعلام العربى فى تصحيح صورة العرب وقضاياهم أمام العالم.

حادى عشر: الضمان الكامل لحرية التعبير على أساس المصداقية ونشر الحقائق بعيدا عن الهوى وبما يحقق الصالح العام

ثانى عشر: ضرورة وجود قانون لحرية تداول المعلومات يضمن للإعلامى قدرته فى الإطلاع على أى معلومة.

ثالث عشر: تنقية القوانين العربية من العقوبات السالبة للحرية فى جرائم النشر، وإلغاء عقوبة تعطيل الصحف وقنوات التلفزيون من القوانين فى كل البلاد العربية

رابع عشر: تقنين حق العاملين فى مجال الإعلام التلفزيونى فى إنشاء نقابات مهنية مستقلة ترعى مصالحهم وتدافع عن حرياتهم، وتضع مدونات مهنية وأخلاقية لممارستهم المهنية، وتتولى- دون غيرها- محاسبتهم عن الخروج عنها تأديبياً.

خامس عشر: الالتزام بآداب المهنة ومواثيق الشرف الإعلامى التى يضعها الصحفيون المستقلون بأنفسهم بعيداً عن التدخل الحكومى.

وفي الختام أعرب الإعلاميون العرب المشاركون في أنشطة وفعاليات ملتقى قادة الإعلام العربي الثاني عن عميق شكرهم لمكتبة الإسكندرية على استضافتها وتنظيمها لهذه التظاهرة الإعلامية، بالتعاون مع هيئة الملتقى الإعلامي العربي.

كما أشاد المشاركون بالحفاوة البالغة التي استقبلوا بها في جمهورية مصر العربية وكرم الوفادة اللذين أحاطت بهما الإسكندرية ومكتبتها هذا الملتقى وضيوفه وفعالياته، متمنين أن يستمر تكرار هذا الملتقى الذي يعول عليه في تطوير الإعلام العربي وفي تبادل اللقاءات والخبرات ووجهات النظر.