القاهرة

في صالون للملتقي الإعلامي العربي

سعد البراك: بيع زين للاتصالات هي رغبة المساهمين والعالم العربي مليء بالدراماتيكية

الكويت : خاص


ماضى الخميس يستضيف سعد البراك فى صالون الملتقي الإعلامي العربي

حلَّ الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات المتنقلة " زين " د. سعد البراك ضيفاً علي ثاني ندوات الصالون الإعلامي الذي تنظمه هيئة الملتقي الإعلامي العربي في الندوة  والتي تناول فيها البراك العديد من القضايا الهامة ذات الصلة ب"زين".

وقد بدأ الأمين العام للملتقي الإعلامي العربي ماضي الخميس الندوة التي أدارها بتوجيه التحية والشكر للأوساط الصحفية والإعلامية التي تفاعلت مع فكرة الصالون الإعلامي وساهمت في نجاح الفكرة إما بالحضور والتغطية وإما بالإشارة والإشادة.

وبدأ الخميس أولي أسئلته للبراك حول ما أسماه " صفقة زين " والتي استطاع البراك تحويلها من شركة محلية إلي شركة عالمية باسم جديد وروح جديدة، واليوم تأتي رغبة الإدارة لبيع زين، وهي صفقة بها الكثير من التفاصيل فما هي أسباب صفقة زين؟ هل هي تعثرات مالية أم مرحلة جديدة؟ أم أن هناك أموراً أخري لا نعلمها؟

وقد أوضح البراك في إجابته عن ذلك السؤال أن " صفقة زين " ليست رغبة الإدارة بل هي رغبة المساهمين في الشركة في بيع حصتهم فيها، مشيراً إلي أن العالم العربي يتمتع بالكثير من الدراماتيكية في تقييمه للأحداث؛ وحتي الإعلام أيضاً يستند إلي الكثير من هذه الدراماتيكية والتي يقصد من ورائها تفخيم الأمور، وتابع البراك قوله " نحن نقول لماذا هناك تطرف في العالم العربي؟!! ذلك لأن هناك تطرف في البيئة العربية، هناك تطرف في السياسة وفي غيرها من الأمور، فإذا خطب رئيس ما خطاب قالوا أن هذا الخطاب خطاب تاريخي، وهذا التطرف في الرؤية والتقييم يجعل كل أمر طبيعي أمراً دراماتيكياً، وهذا ما حدث في تناول صفقة زين".

وتابع البراك أن أكبر الشركات في العالم وأعرقها تعرضت للبيع، ولا تُباع إلا الشركات الجاذبة لأفضل الأسعار، تلك الشركات التي قدمت شيئاً مميزاً لأن البضاعة الرديئة لا تُباع ولا تُطلب بالثمن العالي، وليس هناك شئ غريب في ذلك، وتلك هي رغبة مجموعة المساهمين فقد قُدم لهم عرضاً جيداً نال رضاهم وهم أحرارٌ في ذلك ولهم كامل الحق والحرية في أن يتعاطوا مع هذا العرض.

وأضاف أن أي شركة مساهمة عامة تباع وتشتري في كل يوم، فكل من يستطيع أن يذهب إلي سوق الأوراق المالية يستطيع أن يبع أسهمه ويشتري أسهماً أخري وهذه هي فكرة شركة المساهمة العامة وهي أن تجعل أسهمها متداولة في عمليات البيع والشراء، ولكن الفارق هنا أن " زين " قد أصبحت اليوم شركة عالمية ولن يأتي من يشتريها من داخل الكويت.

ثم أكد البراك مرة أخري علي أن هذه الصفقة هي شأن المساهمين وحدهم ولا دخل للإدارة فيها من قريب أو من بعيد، فهولاء المساهمون استثمروا 7 مليارات دولار علي مدار سبع سنوات وخاطروا ودعموا الشركة إلي أن دفعوا بها إلي تحقيق هذا السعر الكبير الذي وصلت إليه؛ فمن حقهم إن وجدوا عائداً مجزياً علي استثماراتهم أن يحققوا هذا العائد ثم بعد ذلك يستثمرون في شئ آخر.

وعقب البراك بقوله " أننا قد جئنا إلي هنا لمناقشة أمور " الزين " وليس زين، والزين هي الكويت وتبقي زين دائماً رافداً صغيراً من روافد النهر الكبير الذي اسمه الكويت، والكويت أولي بالمناقشة والكلام علي أحوالها لأنها وصلت إلي مرحلة حساسة وحرجة ودقيقة".

وتناول الخميس من كلام د. سعد البراك علي الكويت ووجه له سؤال حول رؤيته لمعالجة الخلل الموجود وكيف يري الكويت الآن؟

وقد أكد البراك علي أن كل مجتمع له DNA خاص به بمعني أن كل مجتمع له حمض نووي خاص به يحدد صفات هذا المجتمع من حيث القيم والمبادئ والأفكار والعادات والميول التي تربي ونشأ عليها هذا المجتمع فشكلت أساساً لثقافته.

وتابع البراك أن الكويت كمجتمع هو مجتمع حر ومجتمع ميناء وتجارة ببره وبحره وهذا المجتمع هو مجتمع مفتوح، وقد استطاع هذا المجتمع علي مدار 300 عام خلت أن يتطور برغم الظروف الجغرافية والمناخية الصعبة، واستطاع أن ينشئ جوهرة اسمها الكويت حتي قبل مجيئ النفط، وكان هذا المجتمع هو الذي يصرف علي الدولة ويرفدها.

وأكد البراك علي أن الحال بدأ في التهور منذ أن " انقلبنا علي مفاهيم هذا المجتمع وعلي أساسه، ومنذ أن أردنا أن نكون من أنفسنا كائناً غريباً ومختلفاً ومتناقضاً مع الحمض النووي الذي نشأ عليه المجتمع الكويتي، فضاعت الحرية وضاعت التجارة وضاع القطاع الخاص، وأصبح في المصطلح السياسي أن لفظة التجار تساوي ألفاظ الطغاة والخونة والذين يسرقون الناس، وقد نجح مشعوذوا السياسة الجدد في أن يجعلوا من مصطلح التجارة مصطلحاً يخشاه الناس ومصطلحاً يتسم بالعار، مع أن الرسول (ص) وهو أكرم الخلق كان يشتغل بالتجارة وكذلك عثمان (رضي الله عنه) والكثير من الصحابة كانوا يشتغلون بالتجارة، فمنذ أن انقلبنا علي هذه المفاهيم وأصبحت التجارة عندنا عيباً حدث هذا الانقلاب الفكري والمفهومي الذي كان هو أساس الداء الذي نعيش فيه اليوم".

من جانب آخر أشار البراك إلي أن النظام السياسي المتمثل في الدستور قد تضاربت الآراء من حوله، فالبعض يراه كالحصان وأخرون يرونه كالحمار، وربما لا يعرف كتثيرون أن هذا الدستور هو أقرب للبغل من الحصان والحمار – علي حد تعبيره – في اشارة منه إلي أن هناك من يري الدستور علي أنه دستوراً جيداً ومتماشي مع الواقع المعاصر والبعض يراه عاجزاً عن مسايرة هذا الواقع، وقال البراك " إنما أردت من هذا التشبيه تقريب صورة الصيغة السياسية التي نعيشها اليوم".

وتسائل البراك ما إذا كنا مجتمعاً ديمقراطياً بحق أم لا، لأن الديمقراطية تعني حكم الأغلبية من الشعب، بحيث يتم تشكيل الحكومة من الأغلبية النيابية في البرلمان، وهذا ما اعتبره البراك مفقودا في الكويت، وأضاف " إذا لم يكن هناك حكم للأغلبية فسمِّ ذلك ما شئت إلا أن تسميه ديمقراطية". وبناء عليه فقد أرجع البراك المشكلة السياسية إلي ما أسماه " الحكومة الغير مدعومة من أغلبية نيابية برلمانية".

واختتم البراك حديثه حول الدستور بأنه جيد من الناحية النظرية، ولكنه في نفس الوقت ليس قرآناً منزلاً، وأن الدستور قد نص في مواده الأولي علي أنه يجب إعادة النظر فيه بعد خمس سنوات من التجربة، إلا أن سنوات التجربة قد طالت ووصلت إلي 47 عاماً من التجربة!! ولذلك فالكويت تعيش أزمة " هيكلية ".

وأشار البراك إلي أننا في الكويت متأخرون جداً عن محيطنا الخليجي المباشر، فإخواننا في الخليج قد قطعوا شوطاً كبيراً بخطوات واسعة نحو التنمية ونحو تحرير الاقتصاد ونحن نتراجع يوماً بعد يوم، وأرجع البراك هذا التأخر إلي هيمنة الحكومة علي الاقتصاد قائلاً " أن الإدارة الحكومية في أي بلد في العالم هي إدارة فاشلة" واستشهد البراك علي ذلك ببريطانيا العظمي التي كانت تعتبر أكفأ إدارة مدنية عرفها التاريخ والتي كانت تدير الهند بأكملها، والتي كانت تتألف من 400 إلي 500 شخص، وعلي الرغم من ذلك فقد صرحت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا بأن تردي الأحوال راجع إلي سيطرة الدولة علي قطاعات الانتاج، ثم قامت بعد ذلك ببيع القطارات والطيران والغاز والبنوك للقطاع الخاص، وأعانت كذلك القطاع الخاص علي التطوير فنهضت بريطانيا نهضة عظيمة من جديد.

وحول الأزمة المالية التي عصفت بالعالم وبالكويت وإجراءات الحكومة تجاه معالجة هذه الأزمة وكذلك قانون الاستقرار المالي فقد أوضح البراك أن القانون جيد ويعتبر خطوة جيدة ولكنه تم تضييق القانون، وأرجع البراك هذا التضييق الذي أصاب القانون وجعله غير فعال إلي ما أسماه " الصياح السياسي" وتجاوب الحكومة مع هذا الصياح وبالتالي تم تضييق القانون وأثر علي فاعليته كثيراً.

كما أشار إلي أن حركة الاقتصاد لابد وأن حركة فلاشية سريعة، والاقتصاد العالمي اليوم بدأ يتعافي بشكل كبير ونحن مازلنا نتكلم عن مرحلة الانقاذ، بينما العالم الآن ينظر في مرحلة ما بعد الانقاذ.

كما حدد البراك بعض الأسباب التي كانت سبباً مباشر في تأخر المعالجة الاقتصادية لهذه الأزمة ومنها؛ عدم وجود رؤية واضحة وسليمة بالرغم من أن الكويت بلد صغير وكل شئ فيه واضح تماماً، وكذلك عدم وجود بنك للمعلومات والاحصاءات الاقتصادية يمكن أن يمدنا بالمعلومات الدقيقة التي تساعد علي تقييم الوضع تقييماً سليماً، كما أشار إلي قضية الاختصاص وأن الكل قد صار يتحدث في الاقتصاد، ومن الأسباب القوية أيضاً البطء في اتخاذ القرار وهذا عامل مهم من العوامل التي أخرت المعالجة السليمة للأزمة الاقتصادية.

وقد أشار البراك إلي تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر مؤخراً والذي يتحدث عن انكماش الاقتصاد الكويتي بنسبة 1.2% في مقابل الاقتصاد القطري الذي أحدث نمواً بنسبة 13%.

من ناحية أخري أكد البراك علي أن الأزمة الاقتصادية قد ألقت بظلالها علي كل القطاعات فقد خسر العالم جراء هذه الأزمة ما يقرب من 35ترليون دولار، وبالنسبة ل" زين " فقد تأثرت بسب تدهور أسعار العملة الصعبة بما يقرب من 600 مليون دولار.

وأشار البراك إلي أن العالم بقيادة الولايات المتحدة خاصة في ظل قيادة فذة مثل قيادة باراك أوباما بدأ في التعافي وذلك بسبب السرعة في اتخاذ القرارات الحاسمة، فقد تم التدخل من أجل انقاذ مؤسسات رئيسية ولم يقابل " بالصياح "، وتم ضخ 5 إلي 6 ترليونات دولار حتي تتمكن أمريكا من النهوض مرة أخري، والمؤشرات الآن كلها مؤشرات مشجعة.

وقد صرح البراك في ختام حديثه بأن وضع " زين " المالي وضع جيد ومطمئن، كما بشر بأن الأمور سوف تكون أفضل في القادم من الأيام وستكون الأرباح أرباحاً مجزية، كما أشاد البراك بكل العاملين في زين سواء كانوا كويتيين أو عرباً أو من جنسيات أخري ومدح دورهم وأشاد بمجهوداتهم ومساهماتهم التي ساعدت علي أن تكوم " زين " علي ما هي عليه الآن، معتبرهم الإرث الحقيقي الذي يجب الحفاظ عليه.

كما شهدت الندوة العديد من المداخلات المهمة ومنها مداخلة د.طالب الرفاعي والتي كانت حول المبادرات الثقافية التي يجب علي المؤسسات الكبري مثل " زين " أن تقوم بها من أجل خدمة المجتمع وخدمة أبناءه، وأشار الرفاعي في مداخلته إلي مجلة العربي التي تعتبر الآن منارة ثقافية ليس علي مستوي الكويت بل علي مستوي الوطن العربي كله وأن مثل هذه المبادرات كانت مبادرات شخصية يقوم بها أفراد بأنفسهم.

وقد أكد البراك علي أن هذه هي الرؤية التي تعمل من خلالها " زين " حتي علي المستوي الإعلاني يتم اختيار المواد الإعلانية التي ترتبط بالقيم وتنميها، كما أشار البراك إلي مشروع إحياء فرقة السيمفونية العراقية التي ماتت أثناء الحكم البعثي للعراق واستطاعت زين أن تبعث هذه الفرقة من جديد، كما أشار أيضاً إلي برنامج " فن " الذي يهتم بالطلبة ويدربهم ويؤهلهم تعليميا.

وحول وضع المعسرين ووضع استرتيجية لحل هذه القضية كانت مداخلة الإعلامي إبراهيم بوعيده، وقد أكد البراك من جانبه علي أن الإجراءات التي تتبعها زين بخصوص الضبط والإحضار ليس لكل المعسرين ولكن للمتلاعبين فقط.

أما غنيم المطيري فقد سأل البراك عن العروض المقدمة  له وما أثير حول هذا الموضوع من إمكانية ذهابه إلي كيوتيل فقد أكد البراك علي أنه باقٍ في زين وأن ما أثير حول هذا الموضوع ليس صحيحاً، لأنه هناك التزام يجمعه ب زين.

أما ناصر المطيري فقد تناول في مداخلته حق المساهمين في بيع نصيبهم في زين معتبراً أن ذلك حق أصيل يمتلكونه، ومن ناحية أخري أثني علي الدكتور سعد وعلي عقليته الاقتصادية وتمني أن تبقي مثل هذه العقليات في الكويت من أجل المساهمة في تطوير الكويت والنهوض بها.

أما الصحافي ماجد سيف فقد تمحورت مداخلته حول طريقة معاملة زين للصحافة وحرية الصحافة والإعلام في تناول القضايا المتعلقة بزين، وقد عقب البراك علي هذه النقطة بأن زين تتمتع بعلاقات طيبة جداً مع الإعلام والصحافة وأن زين تدعم الإعلام الحر وأن بعض الصحف لها سياسات " منحرفة " وابتزازية وبالتالي ف" زين " لا تتعامل معها مطلقاً تحت أي ظروف.

وتسائل محمد العسعوسي حول كيفية اتفاق هذه الرؤية التي عرضها البراك من وجهة نظرة للواقع الكويتي مع نمو " زين "، من جانبه أكد البراك علي أن " زين " اختارت أن تنمو خارج الكويت، أما هذه الرؤية فهي مجرد تقييم للوضع ، وعبر البراك عن تفاؤله بالوجوه الكويتية الجديدة، مشيراً إلي أننا نعيش الآن حالة من الشلل سببها هذه المزايدة الموجودة بين أطراف كل منه يحاول أن يثبت أنه الأجدر والأقدر، فهناك مزايدات وليس حلول.

وقد اعتبر فوزي الخواري في مداخلته أن المشكلة ليست في الدستور ولكن المشكلة تكمن في تطبيق الدستور، وقد اعتبر البراك في رده علي هذه المداخلة أن المشكلة ليست في النصوص كما تنص القاعدة التي تقول " أن العلة في النفوس وليست في النفوس " وأضاف البراك " أن العلة عندنا في النفوس والنصوص ".

من جانبها اعتبرت نجاة الحشاش أن ما حققته زين هو انجاز نفخر به ككويتيين ولكنها في الوقت نفسه عارضت أن يسيطر القطاع الخاص علي الاقتصاد الكويتي، كما أبدت معارضتها لتعديل الدستور وأن هذا الباب لو فُتح سوف يستغل في المصالح الشخصية ولن يستغل في مصلحة البلد.